السبت، 10 مايو 2008

بعض ما لم يقله الرحيل



بعض ما لم يقلْهُ الرحيل


بِهذَيْنِ يُبْتَدَأُ المنتهى..
يومَها
لم أكن أملكُ الوقتَ كي أجمعَ الحبَّ في سَلَّتي
أحضنَ الذكرياتِ الأخيرةَ
أبتلَّ بالدفء..
أحزنَ..
أو ربما
لم أكن أملك الحزنَ

أعلم أن احتضارًا ثقيلاً يبادلني شهوة الاِنتظارِ
مواتًا طويلاً سيفصل بين التحاميْنِ
أن انشطاري سيحزم عربدة الوقت لي.
كان ظلُّكَ يَتْبَعُ كل التفاصيلِ
حتى التي أوغلت في الرحيلِ

أحاول قدر التفلسفِ
أن أتقنَ الموتَ قبل انتهاءِ القصيدةِ
كي يتجلى بها الموتُ في صورةٍ من حبيبي..
حبيبي الذي استأذن الموت فِيَّ
هو الآن
يزرع للموت عمرًا بقلبي
حبيبي الذي لم يكن ذات يومٍ..
حبيبي

أحاول قدر التمنُّعِ
أن أستعيد القصائدَ
أمتصَّ شعري الذي فيكَ أسرف
أمْلِكَ حقَّ التراجع عن همسةٍ كُنْتَها..
وحبيبي الذي أبدًا موغلٌ في البقاءِ
يفتش في حاجِيات القصيدةِ
كي يستكين إلى أنه
لا يزالُ..

البقايا التي استأذَنَتْ في التهشُّمِ
لا تملك اليوم وجهًا،
لتفقدَهُ

كنتُ أذْروكَ في الصبحِ بيْنَ الرياحينِ
حين تكون السَّماءُ ملبَّدَةً باحتراقٍ جديدٍ
لأجمعَ ذات مساءٍ
ملامح وجهي
وأحزمَ قافيتي في اتجاهكَ
كم أشعر الآن أني احترقتُ
وأنَّ يَدي ثقلتْ بالغيوم
وأن احتمالاً جديدًا إلى ضفة البعد يدنو
وما أنا إلا انعكاس الخريطة في سَفَرٍ آخرٍ.

تتهدَّلُ في عينكَ الذكرياتُ
وما أثمرتْ غير خوفٍ جديدٍ
تبادِلُنا الأمنياتُ احتضارًا نديًّا
تغيَّبْتَ أنتَ ولَبَّيْتُ وحدي..
ويسألني الموت عنك كثيرًا
فأخفيكَ في دمعةٍ لا تموت..
تُرى..
أوَيدرك كم كنتَ أجبنَ منهُ ؟

حبيبي..
تعاظَمْتَ فيَّ
إلى أن سقطتَ بأول نبضٍ على قمري
يا ارتحالاً بعمقِ اغترابي
اختزلتُ كثيرًا من الكون فيكَ
ولما تَخَلَّيْتَ عنه
انكسرتُ.

أنا بعض ما لم يَقُلْهُ الرحيلُ
وما لم تخُنه المسافاتُ فيكَ
وما لم أكُنْهُ..
سأفرغ قلبيَ في راحتيكَ وأرتاحُ حتى التوجعِ..
ثم أعود من الموت في غفوةٍ
لأمارس بعضَ طقوس الحنينِ..

أنا الآن في عزلةٍ من حنيني
بلا غُربةٍ..
يا أنايَ التي أينعتْ للغروبِ
خذِ الحرف واسْتَبِقِ الملهمينَ
خذِ الحرف واستبق الشعرَ والموتَ
واكتب على اسمك صوتَ النهايةِ يرتاحُ – مثلي-
لِحَدّ التوجُّعِ..

ترحل عبرَكَ كلُّ المسافات لي
لا أراني..
فأستحلبُ الموتَ في زرقةٍ،
أتهجَّأ اِسمك في أبجدية صمتٍ جديدةْ:

- لأني أحبكِ، أقسمتُ ألا أبوحَ
- لأني أحبكَ، لم أنتظرْ ذاك يوما !

ولا شيء عندي..
أنا الآن في موسمي
أستطيع التفتُّحَ كالضوء يا طفلتي
أستطيع التفتح في كل آنٍ -إذا شئتُ-
لا شيء يفقدني كي أبادلَهُ الفقدَ
أو أستعيدَهْ

أنا غربة لا تلين
ومَحْضُ افتراقٍ شجيٍّ
وأنت اغترابٌ
وبعدٌ عصيٌّ

حبيبي الذي موغلٌ أبدًا في الغياب
يفتش في حاجيات القصيدة
كي يستكين إلى أنه
لا يزالُ….
القصيدةْ